الأمير ابن عياف قائد كل الأزمنة

الكتاب الثري الذي أصدره مؤخراً سمو الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض – سابقا – تتجلى في تفاصيله أفكار شخصية لا يمكن أن يمحوها الزمان، شخصية ظلت وستظل أيقونة أمانة منطقة الرياض، يوم كان أميناً لها ويوم غادرها بحب وسلام، فالكاريزما القيادية لا تغادر المكان حتى وإن غادر صاحبه، تبقى مطبوعة في كل زوايا المدينة، ومطبوعة في ذهن الأهالي، ذلك أن الأمير ابن عياف شخصية تركت أثراً لا يتلاشى في اليوم التالي، ولا في اليوم الذي يليه، بقي حتى اليوم يذكره بخير كل من عاش عصره وتعامل معه وصافحه. جاء الكتاب بعنوان (الإدارة المحلية والقطاع البلدي: التحديات والفرص: الرياض أنموذجاً)، وفي فصله الثامن يوثق انطلاقة الرياض من مدينة مال وأعمال وصناعة، تبدأ يومها مع بزوغ الشمس، وتنام مع غروبها بعد أن تطفأ الأضواء، فيحل الهدوء في الشوارع، إلى مشروع (أنسنة المدينة) أضاف إليها كل ملامح العاصمة العالمية، أضاف إليها روح الإنسان السعودي، فرحه، ابتهاجه، وأضاف إليها جمال المكان، تصاميم عمرانية لافتة، إضاءات مبهجة وأماكن للتريّض والمشي، ومتنزهات عامرة. لا أظن أحداً ينسى احتفالات منطقة الرياض بعيد الفطر المبارك، تلك الاحتفالات التي جعلت من الفرح قيمة إنسانية عليا، تراها على وجه الأهالي صغارا وكبارا، وبات معها ليل الرياض أجمل ما يكون، أما المطر فله معها حكاية. يقول مساعد الرشيد، رحمه الله: تدرين ليه المطر يشتاق لك يالرياض من بين كل الفيافي والقرى والمدن يبغى يفضفض لصدرك عن حنين الفياض عن لهفة الشوق عن لحظة حنين وشجن يبغى يبلل شعرك ويفترضك افتراض ولاَّ يجدّل مساك وياخذك بالحضن هذا المطر كلّما سِيَّل حنيفه وفاض قال لسحابة تِدلَّل يا سحاب وتمن يا شيخة الرِّمث حتى بارقه يوم ناض ناض ولبس لك من الفرحة معم وردن قدم ابن عياف مشروع (أنسنة) الرياض في ظروف صعبة، قاومت فكرة الفرحة، ولكن ابن عياف بحكمته وسداد رأيه وشخصيته التوافقية استطاع أن يأخذ الجميع في مركب واحد ويجعل من الرياض مثالاً للبهجة سارت عليه بقية المدن والمناطق فيما بعد، يقول عن مبادرة (أنسنة) الرياض: «نهج تأسس ليبقى ويمتد». يشهد كل من عاش العصر الذهبي لأمانة منطقة الرياض، أن سمو الأمير الدكتور عبد العزيز بن عياف شخصية توافرت فيها شروط القائد الفذ: علم وتجربة وتخصص، وكاريزما عالية وتواضع جم وأخلاق راقية، لا يدخل عليه أحد في لقائه الأسبوعي المفتوح بالأمانة إلا بنتيجتين: إما أن يوافق الأمير ابن عياف على طلبه، أو يقنعه الأمير بأن الطلب لا يتماشى مع الأنظمة، وفي كلا الحالتين يخرج المراجع راضياً. تلقى توجيهات الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – عندما كان أميراً لمنطقة الرياض بفعالية عالية، أحبّ الرياض وأحببناها معه، كما أحبها الملك سلمان وكما تصورها في ذهنه. والكتاب – بحق – تتويج لمسيرة الأمير ابن عياف الحافلة بالإنجاز على مستوى القيادة، وعلى مستوى الإدارة المحلية وعلى مستوى القطاع البلدي، وعلى مستوى الصالح العام، وعلى مستوى الأنسنة والفرحة. يتضمن الكتاب فصولاً معنية بالقطاع البلدي بشكل مباشر مثل: المركزية، الاستثمار، الأراضي، التخطيط العمراني، قضايا البيئة، الإدارة المحلية، المستهلك، صناعة الصورة الذهنية …إلخ. ويمكن أن يكون خارطة طريق للعمل البلدي في المملكة، يبني عليه كل قطاع محلي تجاربه الجديدة، انطلاقاً من أهمية التراكم المعرفي في نجاح المنظمات الإدارية. والأمير ابن عياف بهذا الكتاب، يكون قائد كل الأزمنة، فأثره باقٍ ما بقي الكتاب.
Scroll to Top