قراءة في كتاب تناول قضايا الشأن ابلدي وسبل نجاحه “الإدارة المحلية والقطاع البلدي التحديات والفرص الضائعة” تأليف الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف

**إضاءة: فرق كبير بين السيرة الذاتية والرواية، ليس من الناحية الإبداعية ولكن من حيث أنك تعيش مع السيرة الذاتية واقعاً معاشاً يتحدث فيه المرء إما عن حياته الشخصية أو عن تجربته العملية. بينما الرواية يحلق المؤلف بقارئه بعالم التخيل والإبداع السردي. في الفترة الأخيرة صدر عدد كبير من السير الذاتية التي قدمتها أسماء لها عطاؤها وحضورها إما العملي أو الاجتماعي أو الثقافي. بعض كتب السيرة التي صدرت وجدت قبولاً وإقبالاً بحجم توفر مكاييل الصدق فيها. *** -1- *هذا الكتاب وليد تجربة بلدية ناجحة لقد بلور تجربة عملية ناجحة أمام المعنيين بالشأن البلدي وأمام كل قارئ. كانت علامات عطاء هذه التجربة التي امتدت على مدى 15 عاماً أمام عيون الناس وبطرقاتهم. : كتاب «الإدارة المحلية والقطاع البلدي: التحديات والفرص الضائعة» أصدره الأمير الفاضل د. عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض السابق، روى فيه وبأسلوب مشوق وبمعلومات مكثفة وأرقام دقيقة فصولاً من تجربته العملية الناجحة إنجازًا وبلورة للصفات القياديَّة للملك سلمان حين كان أميراً لمنطقة الرياض – حفظه الله -. *** – 2- **قراءة للرياض عبر الحروف سامرت الكتاب ليلتين عذبتين قرأت «الرياض» عبر حروف المؤلف بعيني كما قرأتها بسكناي لها. الكتاب امتاز بالمزج بين التناول العلمي والواقعي بأسلوب جاذب. أدركت كثيراً من الجهد والعمل والتخطيط الذي كان خلف ما نراه ونحن نجوب شوارعها ونمر من عند معالمها ونشاهد انطلاقاتها المدنية والحضارية. وقد أحسن سمو الأمير د. عبد العزيز بتدوين رحلته العملية بأمانتها بعمل بلدي معنيٍّ بتطوير عاصمة الوطن ومحافظاتها وتوفير الخدمات لسكانها وأنسنة مواقعها وتحسين مشهدها الحضري، ليتحقق لأهلها جودة «حياة» التي لا تقتصر على خدمات بلدية مادية. *** – 3- **هذا الكتاب والوفاء لصانع مجد الرياض من توفيق الله للمؤلف أنه عمل مع من كان أميراً للرياض وحاكمها وهو الملك سلمان – حفظه الله – الذي نذر (50) عاماً من عمره بخدمتها وتقدمها ونقلها من مدينة صغيرة إلى مدينة عصرية تضاهي كبريات العواصم العالمية. ولعل من أبهى وأجمل ما بين صفحات الكتاب هو الوفاء المضيء من المؤلف للملك سلمان. وقد أبان كيف كان – رعاه الله – يخطط ويعمل ويوجه ويدعم ويذلل الصعوبات ويرأس اللجان لتحقيق طموحاته فيها حتى استطاعت الأمانة أن تنفذ آماله وتطلعاته لتكون الرياض كما هي عليه الآن. *** – 4- **هذا الكتاب ورؤى فاعلة للتطوير. أحسن المؤلف بتحديد الرؤى الفاعلة التي تجعل القطاع البلدي يصل لأهدافه البلدية ويجعل المدينة صديقة للإنسان، كما بلور عشرات الفرص التي تستطيع البلديات من خلال استثمارها الاستفادة منها لكيلا تعتمد كلياً على الميزانية الحكومية فتعمد لتوظيف الإمكانات بالمدينة لتكون موارد مالية لمزيد من التطوير، فضلاً عن أنها تعطيها مرونة بالتصرف بهذه الموارد باستقلالية بعيداً عن البيوقراطية الحكومية. *** -5- **المؤلف وبلورة ما قدَّمه الملك سلمان للرياض توقفت كثيراً عند حديث المؤلف عن الملك سلمان حين كان أميراً للرياض، حيث تجلى فكره وعطاؤه ودعمه بجعل الرياض عروس الصحراء تطوراً وجمالاً وخدمات، كما كشف عن ذلك بكثير من صفحات الكتاب وفصوله سواء ما يتعلق برؤاه التطويرية – حفظه الله – أو إدارته غير المركزية للجهات التي تقع تحت إشرافه، فضلاً عن دعمه ومتابعته وتواصله مع أي جهة لتذليل وحلّ ما يواجه أمانة منطقة الرياض ومنحه -رعاه الله- الصلاحيات حين يرى العمل يتطلب ذلك. *** -6- **المؤلف ونظرته لما يتطلَّبه التطوير. طرح المؤلف أساليب التغيير بالخطط والآليات والأدوات لتطوير مدننا ومحافظاتنا بأساليب مبتكرة ترقى للتطور الذي تنشده القيادة والمواطن وتقديم أفضل الخدمات البلدية. وهذا يتطلب مواجهة التحديات ومعالجتها ولا يتم إلا بإدارة بلدية تقرأ واقع المدن وملاءمتها للساكن فيها، فضلاً عن اصطياد ما أسماه المؤلف «الفرص الضائعة» لجلبها والإفادة منها. إن ميزة الأفكار التي طرحها هذا «السفر» أن المؤلف الأمير د. عبد العزيز العياف ليس منظرًا فقط ولكنه عايش الشأن البلدي سنين طويلة دارساً وممارساً سواء بالتخطيط العمراني وبإدارة المدن، إضافة إلى أنه عاش مع صانع القرار الملك سلمان وأفاد منه بحبه لعمله وتفانيه فيه واتخاذه القرار في الوقت المناسب. من هنا صاغ رؤاه من واقع هذه المرحلة العلمية والعملية. ومن أهم ما طرحه حديثه عن الإدارة المركزية والإدارة المحلية بالشأن البلدي بحيث يكون لكل إدارة صلاحياتها وللمحلية فضاؤها، وهذا يساعدها على الانطلاق بالتطوير الحضري ومواجهة ومعالجة التحديات التي تواجهها بالمدن عند قيام البلديات بالتنفيذ. *** -7- الصورة الذهنية وتعزيزها بالقطاع البلدي كان المؤلف دقيقاً وشفافاً عند حديثه بهذا الفصل سواء ما يخص المعوقات أو التحديات، وقد أبان بمكاشفة جلية ضرورة أن يبادر المسؤول بالقطاع البلدي لإعادة برامج وآليات وهندسة تواصله الداخلي بالقطاع نفسه ومع الإدارة المركزية للبلديات أو مع وزارة المالية أو مع السكان أنفسهم، فهذه الخطوة هي من أولويات التعامل مع التحديات وتذليلها. *** – 8- *الرياض الكبرى مدن بمدينة في الفصل الثاني من الكتاب تطرق إلى ضرورة مواجهة النمو السكاني والجغرافي بالرياض وغيرها من مدن المملكة الكبرى. رأى أهمية صياغة مفهوم إدارة المدن والعمل البلدي بصفة عامة بما يضمن منهج الإدارة المحلية والحضرية للمدن، المتمثل في تعزيز مبدأ اللامركزية وتشجيع الاستقلالية المالية والإدارية.. وضرب أمثلة حية عملت بها أمانة الرياض وحلَّت عديداً من الإشكاليات وتطبيق اللامركزية، وذلك بدعم وموافقة من سمو أمير الرياض وقتها الأمير سلمان – حفظه الله -. ومن نماذج ذلك: إعادة تقسيم البلديات الفرعية جغرافيًا وسكانيًا وإعطائها كثيراً من الصلاحيات، وذلك بسياق منظومة الخطوات الفاعلة ومبادرات تطبيق اللامركزية بأعمال وخدمات منطقة الرياض. *** -9- *أهم العقبات التي تواجه البلديات تطرَّق في الفصل الثالث لأهم العقبات والمشكلات التي تواجه الأمانات والبلديات وقد اختزل ذلك بأبرز المعوقات التي تحدُّ من الأنشطة والخدمات البلدية سواء بالانتشار أو الجودة، وقد رفع حين كان أمينًا للرياض تقريرًا لسمو وزير الشؤون البلدية والقروية حسب طلب سموه وشخَّص في هذا التقرير أبرز الإشكاليات في العمل البلدي. *** – 10- *اقتناص الفرص الضائعة تناول بهذا الفصل أساليب الجوانب الإدارية لسير العمل وتعظيم الاستثمار، وذلك حين تصدت أمانة الرياض إشكاليات العمل الإداري. وكانت أولى الخطط في العمل البلدي في الأمانة: تسهيل الإجراءات ورفع كفاءة العمل وتعظيم رضا المواطنين إلا أن هناك بعض العقبات واجهتها، حيث أشار لها بوضوح وموضوعية، وأبان أن بعض المبادرات لم تجد الاستجابة الكاملة من الجهات المركزية في وزارة المالية ووزارة الشؤون البلدية والقروية وبما يتواكب مع رغبة الأمانة وحماسها للتطوير. *** -11- *الجانب المالي والإداري للفرص في هذا الفصل الذي تلا طرح موضوع اقتناص الفرص الضائعة من زاويتها التخطيطية التي تعدّ أساسًا للإفادة منها وتحقيق الجدوى من توظيفها واستثمارها. *** -12 – مشكلات الأراضي والملكيَّات كيف واجهت الأمانة تعديات وتداخلات وازدواجية الملكيات. وأشار إلى أن أمانة الرياض تمكنت نسبيًا من الانعتاق الإداري والبلدي بما حظيت به من دعم الأمير سلمان فحلَّت كثيراً من إشكاليَّات الأراضي والممتلكات التي كانت تأخذ من جهود الأمانة ووقتها. *** -13- *أنسنة المدن كان حديث المؤلف جميلاً في هذا الفصل سواء ما يتعلَّق بالتنمية أو تحسين المشهد الحضري أو مبادرات التريض بدروب المشي التي تم إنشاؤها وغيرها. وقد رأى سكان الرياض جهود وأعمال الأمانة في سعيها بتطوير المكان تمامًا كما شاهدوها في أعمالها بجعل المدينة متناغمة مع متطلبات أبنائها، وذلك بالعمل في توفير الجودة ونقلها من جفاف المدن إلى مدينة متناغمة مع البيئة. *** -14 – المواجهة والحلول في الفصل الأخير كان الختام: طرح الحلول لمواجهة ما يعرقل العمل البلدي ويضيع الفرص ويقلل من مستوى وتطوير الخدمات البلدية. وقد لخَّصها بثلاثة أمور أو هي بالأحرى حلول علمية تستشرف مستقبل العمل البلدي والمستفيدين منه: · إيجاد صندوق للمدينة. · الخصخصة البلدية، · الإدارة المالية. وجاءت هذه الرؤى من مسؤول ناضل في العمل البلدي في عاصمة الوطن التي كان سباقها مع التنمية والتطور ومتطلبات الإنسان سباقًا ماراثونيا. لذا لم تأت هذه الحلول مجرد أفكار تنظيرية ولكنها جاءت من عقل تعامل مع مشكلات المدن وعمل مع زملائه بالأمانة على اقتراح حلول لها بحسب الإمكانات الإدارية والمالية والصلاحيات التي توفرت له. *** وبعد: أتمنى لو يطَّلع ويفيد من هذا الكتاب المرجعي كل مسؤول أو موظف على رأس العمل البلدي أو سيعمل بالشأن البلدي، فهو سيضيء له الطريق وهو يمارس عمله في أي مدينة أو محافظة ليفيد مما مر على المؤلف في حل الإشكاليات التي تواجهه في عمله. فضلاً عن أنها تكشف بأنه: ليس هناك مشكلة بنطاق العمد بأي بلدية أو أمانة إلا ولها حل أو ما يقارب الحل، فتجعله يعطي وينجز ويسهم بتطوير القطاع البلدي وبتقديم خدمات بلدية تمتاز بالجودة والشمولية.
Scroll to Top