انسنة المدن

أنسنة المدن، هذا المصطلح عندما سمعته أول مرة في أحد أحاديث سمو الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض إبان قيادته لهذا المرفق الهام. وقفت طويلاً أمام المصطلح والتوضيح الذي قدمه سمو الأمير الدكتور الذي لفت انتباه كل من استمع إلى كلامه أو قراءة الدور الذي يجب أن تضطلع به أمانات المناطق وبلديات المدن في تهيئة المدن وتوظيفها لجعلها بيئة صحية ومريحة للإنسان الذي يشعر بأنه يعيش في مدينة هي صديقة له أكثر من مجرد مكان يقيم فيه. حسب علمي أن الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف أول من عمل على جعل وظيفة المدن إراحة الإنسان وجعله متعايشاً مع مدينته كصديق أو كمشارك في حياته من حيث الملاءمة البيئية والصحية وحتى الفكرية، ولا غرابة في ذلك؛ فالرجل متخصص في عمارة المدن وتخطيط الأقاليم، ومجالات تخصصه المركزية واللا مركزية في التخطيط البلدي وإدارة التخطيط العمراني وإدارة المدن والبلديات والتنمية والتحضر والهجرة الداخلية والخارجية والإدارة المحلية للمدن والبلديات. مثل هذه التخصصات والقدرات العلمية لابد أن تعزز واقعاً إيجابياً على المرفق الذي يديره مثل هذا الرجل الذي فعلاً يتوافق مع ما يردده العرب دائماً بأهمية وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ووقت اختيار الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد ابن عياف كانت الرياض العاصمة والمنطقة بحاجة إلى عقلية علمية ومتابعة عملية لتتميز العاصمة عن باقي المدن العربية، فجاء بن عياف ليمنحها هذا التميز؛ فبالاضافة إلى تنفيذه العديد من المشاريع وأقنع القيادة ووزارة المالية بأن تخصص إيرادات البلدية للصرف على مشاريع البلدية مما وفر مورداً مالياً كبيراً لتحقيق كل المشاريع النافعة، وخدم بذلك ليس مدينة الرياض ومدن المنطقة فحسب بل كل مدن المملكة بعد أن شمل تطبيقه الجميع، وبعد أن توافرت له الموارد سار بخطى ثابتة لتنفيذ فكره بتحويل مدينة الرياض إلى صديق للإنسان، وهو ما يقصد ب(أنسنة المدينة)، فأقام ونشر ممرات المماشي وأصبحت مدينة الرياض تحتوي على شبكة ممرات منتشرة في أحياء المدينة المختلفة، وأصبح لأهل الرياض متنفساً تقريباً في كل حي يمارس أبناؤه رياضة المشي، من رجال ونساء وشباب وشابات، وقد رافق ذلك إطلاق برامج ثقافية تتضمن مسرحيات واصدارات وفعاليات، وأصبح أهل الرياض مضيفين في المناسبات والأعياد، بعد أن كانوا يهربون منها، وأصبح للرياض مهرجانات في الأعياد والمناسبات، ولأول مرة تعرض في الرياض مسرحيات ثقافية وهادفة للشباب والنساء وفق الضوابط والقيم الإسلامية. وهكذا استطاع ابن عياف أن يوظف الإمكانات والمنجزات المعمارية التي حققها لمدينة الرياض وللمنطقة إبان تسلمه أمانة منطقة الرياض لخدمة الإنسان وتمكينه من الاستمتاع في المدينة التي يعيش فيها، ويطور إمكاناته الثقافية وحتى الذوقية. جميل أن يستطيع متخصص تطبيق ما يعلمه للآخرين، وبالذات في مجال هندسة المدن، والأجمل أن نجد مهندسا سعوديا، وأستاذا جامعيا يترجم كل ما درسه ودرَّسه على أرض الواقع، والأجمل أن يضع خلاصة تجربته في قيادة أمانة الرياض، وبالذات في تحقيق (أنسنة المدن) في كتاب يصلح بحق أن يكون مرجعاً ليس للمهتمين بهندسة وإدارة المدن، بل لكل من يهتم بالشؤون البلدية، وقد قدم الأمير الدكتور المهندس عبد العزيز بن محمد بن عياف كتاباً ليكون مرجعاً علمياً لدارسي الهندسة وملهماً للمثقفين جميعاً بهدف أن يساعد هذا المرجع في انتشار فكرة أنسنة المدن وتطويرها، وأن تكون أهدافه أن تكون المدن صديقة للإنسان، بحيث لا تطغى المشاريع على الهدف، وأن لا تكون مدنًا عبارة عن علب أسمنتية فحسب، بل يجب أن يسعى المهندس المعماري والمسؤولون في الأمانات والبلديات على تعزيز البعد الإنساني في العمل البلدي، كما عمل وحقق المواطن عبد العزيز بن محمد بن عياف.
Scroll to Top