- اسم الكاتب: يوسف القبلان
- الصحيفة: جريدة الرياض
- تاريخ النشر: 12 ذوالقعده 1436هـ
- رابط المقالة
الرياض لا زالت بحاجة إلى المزيد والمزيد في مجال البعد الإنساني ومن ذلك على سبيل المثال الحاجة إلى تطوير الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة. وأمانة الرياض مستمرة على هذا النهج انطلاقاً من رؤية واضحة، وإذا كانت الرؤية واضحة فسوف تستمر جهود التطوير للخدمات..
أهداني مشكوراً الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد العياف أمين منطقة الرياض سابقاً كتاباً قيماً من إعداده يحمل عنوان: (تعزيز البعد الإنساني في العمل البلدي، الرياض أنموذجاً).
الكتاب من عنوانه ومن اسم معده يشجع على القراءة كونه يعبر عن تجربة عاصمة المملكة ومراحل نموها وتطورها من حيث المساحة وعدد السكان والمشروعات التنموية المختلفة. لكنه يكتسب أهمية أكبر كونه يعرض لبرنامج (الأنسنة) في مدينة الرياض وعوامل نشأته وتطوره ويقدمه نموذجاً يؤمل أن يساهم في انتشار الفكرة وتطويرها كما جاء في التعريف بالكتاب.
إن الهدف من استعراض هذا الكتاب هو التعريف بتجربة محلية في مجال العمل البلدي والإدارة المحلية. وكنت دائما أحد المنادين بتوثيق وتحليل تجاربنا الوطنية للاستفادة منها من قبل الإداريين والطلاب في المعاهد والجامعات. وكل تجربة هي إضافة لما قبلها وبداية لما بعدها فالعمل تراكمي والإنجازات والمبادرات والإبداعات ليس لها حدود. ومن حق أصحاب التجارب المتميزة تقدير تجاربهم والتعريف بها، ويترك للمختصين تقييمها وتحليلها وللعاملين في الميدان البناء عليها.
يبدأ الأمين السابق المتميز كتابه الجميل بالتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي قاد تطور الرياض لأكثر من نصف قرن ودعم برامج الأنسنة ومشروعاتها، وجعل الرياض مدينة عالمية تليق بمكانة المملكة.
الأنسنة بعيداً عن المفهوم والتعريف والتنظير أوجدت في الرياض أنشطة وخدمات لم تكن موجودة من قبل مثل الأنشطة الثقافية كالمسرحيات، والساحات البلدية للشباب والعوائل، والمسارات المخصصة للمشي، وغيرها مما سنعرضه باختصار في هذا المقال.
في التمهيد للكتاب يعرف المؤلف الأنسنة بأنها تعزيز للبعد الإنساني في المدن بتوفير مرافق وفعاليات تجعل الحياة فيها أكثر جاذبية ورعاية وإنسانية.
الرياض عاصمة سياسية لبلد مهم جداً في الخريطة العالمية وله مكانته الدينية والسياسية والاقتصادية. عاصمة تحمل الملامح الجدية، ذات مساحة كبيرة، تدرجت في عدد السكان من 169 ألفا في عام 1382هجرية الموافق 1962 ميلادية الى 4،600،000 في عام 1428هجرية الموافق 2007 ميلادية. مدينة عالمية جاذبة للمواطن والمقيم رغم ملامحها الحادة.
هذه المدينة كانت ولا زالت بحاجة الى الخضرة، والأنشطة والفعاليات الثقافية والاجتماعية. كانت بحاجة الى ترجمة شعار أمانتها (الإنسان أولاً) إلى واقع.
ماذا فعلت الأمانة لتحقيق ذلك الهدف؟
بداية نؤكد على حقيقة أشار إليها المؤلف وهي أن ما تحقق في مجال الأنسنة هو مجرد خطوات في طريق طويل. وسوف أعرض الآن على شكل عناوين بعض المشروعات والمبادرات التي برزت في هذا الطريق:
أولاً:
مبادرات تعزيز التنمية الثقافية للمدينة. وتشمل:
1- الإصدارات الثقافية والتوعوية.
2- احتفالات العيد والمناسبات الوطنية.
3- عروض الفنون التراثية.
4- أنشطة المسرح البلدي.
5- معارض فنون الطفل.
6- دعم الأدب والشعر.
7- معارض الفنون البصرية.
8- استعراض ثقافات وفنون العالم.
9- واحات الملك سلمان للعلوم في الأحياء السكنية.
ثانيا:
مبادرات التريض والمشي وتشمل:
1- ممار المشاة.
2- الساحات البلدية في الأحياء.
ثالثا:
مبادرات التنمية البيئية. وتشمل ثلاثة مسارات:
1- التعامل مع ما هو قائم من حدائق بفكر جديد. مثل إعادة تأهيل الحدائق وبرامج التشجير والبرحات البلدية، والمبادرات الاحتفالية والبيئية مثل مهرجان ربيع الرياض، ومهرجان درة الحدائق، ومبادرة حماية الحياة البرية، وحملة نظافة المليون متر مربع.
2- تطوير الحدائق المستقبلية في المخططات الجديدة.
3- الاهتمام بإيجاد الحدائق المليونية المساحات في أنحاء مختلفة من المدينة مثل متنزه الملك سلمان البري في بنبان، ومتنزه الملك عبدالله بالملز، ومشروع تأهيل وتطوير وادي حنيفة.
رابعا:
مبادرات توسيع نطاق العمل البلدي لخدمة فئات المجتمع. وتتضمن:
1- إنشاء إدارة للمعاملات النسائية.
2- رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
خامسا:
مبادرات حماية المستهلك وتنشيط الأسواق الشعبية. وتتضمن:
1- مبادرة مؤشر الأسعار.
2- تنظيم نشاط الباعة الجائلين.
3- تجربة مراكز البلاغات وطوارئ الأمانة.
4- يوم المزارع.
5- مهرجانات التمور.
6- سوق الصقور.
تلك بعض البرامج والفعاليات في طريق أنسنه المدينة. حاولت عرضها بطريقة تبعدني عن الإطالة وعن الاختصار المخل. التفاصيل موجودة في الكتاب الذي يعد وثيقة مهمة للمهتمين والعاملين في هذا المجال. كتاب يوثق تجربة حقيقية عايشها سكان الرياض وتابعوا مراحلها وتطورها. هذا التطور لن يتوقف وقد أشار المؤلف في ختام كتابه إلى رؤية استراتيجية تمتد الى عام 2022م كي تكون الرياض نموذجاً يحتذى ومرجعاً يشار إليه في فاعلية الإدارة المحلية.
طبعا لا يمكن القول إن الرياض أصبحت مدينة مثالية ولا زال الطريق طويلاً ولا زال ساكنها ينتظر المزيد من الخدمات والفعاليات والأنشطة التي تعزز البعد الإنساني. المؤمل أن تقاوم الرياض ما يصيب المدن الكبيرة من مشكلات بيئية وإنسانية ومن زحمة المرور. في المدن الكبيرة يتواجد الناس في سياراتهم ومكاتبهم ولا يلتقون في الشارع. لا أحد يتحدث إلى أحد. الرياض لا زالت بحاجة إلى المزيد والمزيد في مجال البعد الإنساني ومن ذلك على سبيل المثال الحاجة إلى تطوير الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة. وأمانة الرياض مستمرة على هذا النهج انطلاقاً من رؤية واضحة. وإذا كانت الرؤية واضحة فسوف تستمر جهود التطوير للخدمات بشكل عام ولتعزيز البعد الإنساني بشكل خاص.